سيكولوجية الكلمات: فن قراءة ما بين السطورسيكولوجية الكلمات: فن قراءة ما بين السطور

شغلتني الأفكار حول سيكولوجية الكلمات، واستخدام الكلمات، والضمائر، والقضايا الاجتماعية مؤخرًا. الجميع يعلم أنني مهووس بالكلمات طوال الوقت، ولكن تردد الحديث حول تأثير الكلمات -في نشرات الأخبار- ضمن الفترة السابقة أشعل مصباحًا في عقلي.
وهذا ما جعلني أبحث حول الموضوع، إلى أن وجدت هذه التدوينة. وإليك ترجمتها عزيزي القارئ.

اللغة أكثر أساليب التعبير عن الذات شيوعًا وموثوقية، لذا نستخدمها لترجمة أفكارنا وعواطفنا إلى شكل يمكن للآخرين فهمه. الكلمات واللغة إذن هي مادة علم النفس والتواصل.

د. جيمس بينيبيكر – Dr. James Pennebaker

قدّم باحثون في جامعة بنسلفانيا مقالة بحثية رائعة (مفتوحة المصدر) مبنية على تحليل 700 مليون كلمة وعبارة ومنشور جُمعت من رسائل فيسبوك لـ 75000 متطوع. ووجدوا أن بمقدورهم التنبؤ بجنس المستخدم بدقة تصل إلى 92%. إضافة لتخمين عمر المستخدم (± 3 سنوات) لنصف الحالات.

لا ريب بأن الدقة الديموغرافية للجنس والعمر مذهلة، ولكن ما أجده أكثر روعة هو المؤشرات الشخصية التي كشف عنها التحليل اللغوي المواضيعي “Topical Language Analysis” للانطواء مقابل الانبساط، والقبول المجتمعي، والوعي، والعصابية (استخدام ضمير المتكلم)، والانفتاح، والاستقرار العاطفي.

والدراسة الأكبر من نوعها حتى الآن، لكن لفتني في المقال ما يلي:

“من خلال شبكات التواصل مثل فيسبوك وتويتر (X)، التي يستخدمها بانتظام أكثر من سُبع (1/7) سكان العالم، يمكن تتبع التباين في الحالة المزاجية يوميًا وعبر المواسم، واستخدامها للتنبؤ بسوق الأوراق المالية، وتقدير مستوى السعادة عبر الزمن.

تكشف أنماط البحث على جوجل مناطق انتشار الأنفلونزا قبل أسابيع من تأكيد بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها!

وبات من الممكن -بفضل رقمنة الكتب- التتبع الكمي للاتجاهات الثقافية على مدى عقود.

يعتمد جزء كبير من هذه الأبحاث حول سيكولوجية الكلمات على عمل عالم النفس الاجتماعي وباحث اللغة د. جيمس بينيبيكر. إذ له السبق في استخدام الاستقصاء اللغوي وعدد الكلمات (LIWC) لاستكشاف مجموعات كبيرة من البيانات المتعلقة بكلمات الجنس والعمر والقوة والشخصية والعاطفة وتأثير المنصب والخطابة السياسية، فضلاً عن فروق القوة والمصداقية التي كشف عنها استخدام الضمير “أنا”.

هل فكرت كمّ مرة تقول فيها “أنا”؟ ربما يجب عليك.

تشير الأبحاث التي أجراها الدكتور بينيبيكر إلى كشف استخدامك للضمير “أنا” عنك أكثر مما قد تدركه.وفقًا للدكتور بينيبيكر، يعتقد مستخدمو “ضمير المتكلم” بكثرة -دون وعي- أنهم تابعون للشخص الذي يتحدثون/يكتبون) معه/إليه. يبدو أن الضمائر تخبرنا بما يوليه الشخص اهتمامه، وإلى موضع تركيزه الداخلي.

يقول الدكتور بينبيكر، مؤلف كتاب “الحياة السرية للضمائر“:

“ينتشر اعتقاد خاطئ بأن الأشخاص الواثقين من أنفسهم، ممن يتمتعون بالسلطة والمكانة العالية يميلون إلى استخدام “أنا” أكثر ممن يعانون مشاكل في صورتهم الذاتية”.

“في حين العكس هو الصحيح؛ ينظر الشخص ذو المكانة المرموقة إلى العالم، والشخص ذو المكانة الاجتماعية المتدنية إلى نفسه.

أن الذين يُكثرون استخدام “أنا” أنانيون، ومتمركزون حول ذواتهم، ومشغولين بأنفسهم. لفترة طويلة، كان تكرار كلمة “أنا” -في بيئة العمل أو ضمن مقابلة العمل- إشارة إلى شخص يحاول نسب كل الفضل لنفسه، ويفتقر لروح الفريق.

الأشخاص الذين يخفون الحقيقة. تجنب ضمير المتكلم هو الابتعاد. وجد الدكتور بينبيكر أن الذين يستخدمون “أنا” معظم الوقت: أكثر صدقًا في التواصل، وأميل لقول الحقيقة.

لذا، مع الأفكار حول سيكولوجية الكلمات واستخدام الكلمات والضمائر التي تتدفق الآن عبر عقلك، كيف يمكنك تطبيق هذه المعرفة الجديدة؟ بالنسبة لأولئك الذين يركزون على إحداث تغيير إيجابي، قد يكون الاستماع بانتباه واستخدام المزيد من الأفعال خطوات أولية قوية يجب اتخاذها.

يصنف الذكور عوالمهم من خلال عدّ وتسمية وتنظيم الأشياء التي يواجهونها. النساء، بالإضافة إلى تخصيص موضوعاتهن، يتحدثن بطريقة أكثر ديناميكية، مع التركيز على كيفية تغير موضوعاتهن. تتطلب مناقشات التغيير المزيد من الأفعال.

  • أكثر؟ “لأبدو متواضعًا (ومُحبًا للعمل الجماعي)”
  • أم أقل؟ “لأبدو أكثر ثقة وموثوقية؟”

يقول الدكتور بينبيكر إن الإجابة هي “في الغالب أكثر“.

وسؤالي هنا: هل ستفعلها؟

مقالة ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *